الوقت سيف بلا غمد !!

الوقت سيف بلا غمد


هل يمكننا ملامسة مواطن الجمال في الوقت من خلال سرعة مروره أو تباطؤه أو قدومه في حضرة أشخاص نودهم أو ربما يصل الوقت إلى اقصى درجات التشوه حين يجبرنا على مرافقة أشخاص لا نحتمل وجودهم ؟ لماذا تبدو بعض الأوقات رغم دقتها متأخرة في مواقف كثيرة في حياتنا ؟
هناك أوقات تنسل إلينا بعذوبة ،تأتي في لحظات حميمة كبصيص نور سافر من حضن الفجر ليستقر في أحداقنا ، حين تتحقق الأمنيات في وقتها ويستحيل الصعب ممكناً ساعتها فقط ندرك أن للوقت معنى ومغزى ، فنحترم هذا الوقت بل ونتذكر موعد حدوث ذلك الحدث الذي أضفى نكهة مميزة إلى حياتنا وتسبب في إحداث تغير ما بدواخلنا ، وقد نحتفل به لحظة هدوء مع أنفسنا أو ربما نصطفى من نحب من البشر ليتقاسموا وإيانا بهجة الاحتفال...




كم هو رائع ذلك الوقت الذي يغفو طائعاَ على منبه نضبطه بمعرفتنا ليستفيق من هجعته في اللحظة التي نحددها ،وكم يتملكنا الأسى حين ندرك أن الوقت جاء في غير أوانه أو أوانه ألقانا في براثن المواعيد الضائعة حين خفت صوت الشيء الذي تمنينا حدوثه أو قدومه وانتفت أسباب الانتظار لموعد كنا نمني النفس لمعايشته كثيرون لاشك حاولوا عبثاً إعادة رسم وجه الوقت في وسط فوضى انشغالهم بترتيب أوراق متفرقة في حيتهم ، ومنهم من نجح ومنهم من أخفق ولا يزال يجدد محاولات مباغتة الوقت في مكانه وزمانه ..!



كم من الوقت بذلنا من أجل إرضاء الغير ، لنكتشف أن البعض استحق كل وقتنا لا بل قد نشعر من فرط ودنا لهم أننا قصرنا في حقهم ، وفي المقابل نشعر أن الندم يقتاتنا لأننا منحنا وقتنا لأشخاص لم يفعلوا أي شيء غير سحق وقتنا تحت أقدام لا مبالاتهم ونكرانهم .


ما أجمل أن يطول الوقت في غمرة نشوتنا بالأشياء الجميلة .. يقال أن الرسام الإيطالي ذائع الصيت دافنتشي ، تعمد إطالة فترة رسم لوحته الشهيرة "الموناليزا" لمدة اربع سنوات كاملة لأن شعوراً بالألفة تملكه تجاه صاحبة أشهر ابتسامة في التاريخ ، لذلك فإن الوقت يبدو سريعة الومض كبرق لاهث في ليلة شتوية ماطرة ..!
يبدو الوقت مرعباً حين نكون أمضينا سنوات طويلة برفقة شخص ما لنكشف أننا لم نعرفه أو لم يعرفنا رغم تراكم السنوات ، فهنالك من عاشوا أغراباً تحت سقف واحد وأرسلو الوقت خارج نطاق حياتهم ليعود إليهم في زحمة متاعبهم ويسخر منهم وكأنه يريد تذكريهم بأنهم عاشوا وهماً عميقاً حين تركوا الوقت يمضي موحشاً ولم يكلفوا أنفسهم عناء النظر إلى وجوه الآخرين ليكتشفوا زوايا الجمال في دواخل بعضهم البعض ..!


الوقت يغير البشر ويتغير طوعاً لننسجم مع كل تقلباته ومفاجآته ، ولأن انتقاد الوقت والتبرم منه يعد من أقرب الهوايات إلى نفوس بني البشر ،يأبى سيف الوقت القاطع الانزواء في غمد تضجرنا منه ، لأنه اعتاد أن يشهر نصله بين عيوننا ونبضاتنا في كل لحظة ..!