! ɞὡשǁଷ|[჻჻჻჻჻჻» الاصــــدقـــــاء الاوفيـــــاء «჻჻჻჻჻჻]|ଷǁשὡɞ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الرحمة والتسامح في ضوء القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل

الرحمة والتسامح في ضوء القرآن الكريم  Empty الرحمة والتسامح في ضوء القرآن الكريم

مُساهمة من طرف moOon الخميس أكتوبر 27, 2011 3:18 pm

الشيخ /
خلف بن علي بن حسين العنزي




الحمد لله رب العالمين ، كتب على نفسه الرحمة، قال تعالى: ((كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )) [الأنعام : 12] ، شفقة منه بعباده سبحانه وتعالى بألا يقنطوا من رحمته ، بل رحمته سبقت غضبه ، قال صلى الله عليه وسلم «لما خلق الله الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي»
ورحمة الله سبحانه وتعالى تفضل منه وإحسان منه على عباده ، وهي رحمة واسعة تفيض على جميع خلقه وتسعهم جميعا ، قال تعالى: (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ )) [ الأعراف : 156 ] .


وما الرحمة التي تتراحم بها الخلائق منذ نشأتها وحتى يرث الله الأرض ومن عليها إلا جزء واحد من مئة جزء من رحمته سبحانه وتعالى بعباده ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه» . وفي رواية لمسلم «إن لله مائة رحمة فمنها رحمة بها يتراحم الخلق بينهم وتسعة وتسعون ليوم القيامة» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن لله مائة رحمة قسم منها رحمة بين جميع الخلائق فبها يتراحمون وبها يتعاطفون وبها تعطف الوحش على أولادها وأخر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة» .
ومن أسمائه جل وعلا ، الرحمن الرحيم ، قال تعالى: (( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )) [ الفاتحة :2 ] والرحمن أخص من الرحيم وأكثر مبالغة منه ولذلك لا يسمى به غير الله تعالى ، قال تعالى: (( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى )) [ الإسراء : 110 ] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال الله تعالى : أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشقتت لها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته» .
ومعناه ذو الرحمة لا نظير له فيها ، وهي تعم جميع العالمين مؤمنهم وكافرهم ، تعم جميع الخلق صالحهم وطالحهم .
والرحيم رحمته تخص المؤمنين لقوله تعالى (( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا )) [الأحزاب : 43 ] .
ومن رحمته سبحانه وتعالى أن أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ، قال تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ))[ الأنبياء : 107 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا رحمة مهداة» .
ولقد امتن الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين أن بعث فيهم نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فقال (( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )) [ آل عمران : 146 ] ، وقال تعالى: (( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) [ التوبة الآية : 128 ] .
فكان صلى الله عليه وسلم رحيما بأمته يرشدهم للخير ويحذرهم من الشر ، لينا معهم ، عطوفا عليهم ، رفيقا في تعامله معهم ، قال تعالى: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) [ آل عمران : 159 ] .
ولقد أمرنا الله سبحانه وتعالى باتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته ، قال تعالى: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )) [ الحشر : 7 ] .
والإسلام هو دين السماحة واليسر والسهولة ، ولقد كان من سماحة الإسلام أن جعل أحكامه وتشريعاته مبنية على التيسير ورفع المشقة والحرج ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) [ الحج : 78 ] ، وقال تعالى: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) [ البقرة : 185 ] ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة» .
ولقد جاءت الشريعة الإسلامية السمحة بالتيسير على الناس وعدم إرهاقهم وتحميلهم ما لا يطيقون ، قال تعالى: (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) [ البقرة : 286 ] .
وسماحة الإسلام هي رحابة مبادئه وسعة تشريعاته ، ونزوعه إلى اللين واليسر في كل أوامره وأحكامه دون إفراط وتفريط ، وتلبية لنداء الفطرة واستجابته لمتطلباتها في وسطية واعتدال ، والعدالة والمساواة بين البشر جميعا ، إذ لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى قال تعالى: (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )) [ الحجرات : 13 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم: « لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى »
ومن سماحة الإسلام الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن قال تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) [ النحل : 125 ] ، وقال تعالى: (( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )) [ العنكبوت : 46 ] وقال
تعالى: ((وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ)) [الحج : 68 ] ، قال صلى الله عليه وسلم « يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا» .
ومن سماحة الإسلام عدم إجبار أحد من الكافرين بالدخول في الإسلام عنوة أو إكراها ، قال تعالى: (( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )) [ البقرة : 256 ] ، وقال تعالى: (( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )) [ الكهف : 29 ] .
ومن سماحة الإسلام العدل مع المخالف ، وجعل ذلك دليلا على التقوى التي رتب عليها أعظم الجزاء قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ )) [ المائدة : 8 ] .
فالله سبحانه وتعالى غزير الرحمة واسع العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها ، فهو سبحانه الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم بين المخلوقات ، قال تعالى: (( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ )) [الأنعام : 18 ] .


المفاهيم


المعني اللغوي :
الرحمة : الرقة والتعطف والمرحمة مثله وقد رحمه بالكسر رحمة ومرحمة أيضا وترحم عليه وتراحم القوم رحم بعضهم بعضا .
والرحمة : رقة القلب وعطفه ورحمة الله : عطفه وإحسانه ورزقه .
الرحمن والرحيم من أسماء الله سبحانه وتعالى ، وهما اسمان مشتقان من الرحمة ، الرحمن بجميع الخلق ، والرحيم بالمؤمنين .
الرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكتب الأول ولم يكونوا يعرفونه من أسماء الله .
ومعناه عند أهل اللغة : ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة ، لأن فعلان بناء من أبنية المبالغة ، ورحيم فعيل بمعنى فاعل ، وكذلك رجل رحوم وامرأة رحوم ، قال الأزهري " لا يجوز أن يقال رحمان إلا لله عز وجل " وفعلان من أبنية ما يبالغ في وصفه ، فالرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء فلا يجوز أن يقال رحمن لغير الله . قال تعالى: (( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ )) [ الإسراء : 110] .
والرحيم قد يكون بمعنى المرحوم كما يكون بمعنى الراحم والرُّحم بالضمة الرحمة قال تعالى: (( وَأَقْرَبَ رُحْمًا )) [الكهف : 81 ] .


السماحة : السماحة في اللغة : الجود ، سمح سمحا وسماحة أي جاد وسمح له أي أعطاه ، والمسامحة المساهلة وتسامحوا تساهلوا .
والسهل ضد الجبل وأرض سهلة ، وأسهل القوم صاروا إلى السهل ورجل سهل الخلق والسهولة ضد الحزونة وقد سهُل الموضع بالضم سهولة.
والتسهيل التيسير والتساهل والتسامح ، واستسهل الشيء عده سهلا .
اليسر : ـ هو ضد العسر ، والميسور ضد المعسور ، وقد يسره الله لليسرى ، أي وفقه لها
قال تعالى: (( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى )) [الليل : 7 ] .
اليسر : اللين والانقياد يكون ذلك للإنسان والفرس ، وقد يسر ييسر وياسر ، لاينه ، وياسره أي ساهله ، واليسر السهل ، قليل التشديد .
العفو : وهو من عفا الشيء يعفو إذا صفا وخلص
من أسماء الله تعالى العفو ، من العفو وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه وأصله المحو والطمس.
وهو من أبنية المبالغة يقال عفا يعفو عفوا فهو عاف.
فالعفو محو الذنوب ، وهي أي يعفوا عن الناس ويعفوا هم عنه .
الأدلة من الكتاب والسنة على الرحمة والتسامح :
1 – أدلة الرحمة :
قال تعالى: (( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ )) [ الأنعام : 12 ] ، وقال تعالى: (( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ )) [ الكهف : 58 ] ، وقال تعالى: (( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )) [ البقرة : 163 ] ، وقال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا )) [ مريم : 96 ] ، وقال تعالى: (( تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )) [ فصلت : 2 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم « لا يرحم الله من لا يرحم الناس » . وقال صلى الله عليه وسلم « من لا يرحم لا يرحم » .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغي إذا وجدت صبيا في السبى أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار» قلنا : لا والله هي تقدر على أن لا تطرحه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لله أرحم بعباده من هذه بولدها » .
2 – أدلة السماحة :
قال تعالى: ((وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) [ التوبة : 118 ] ، وقال تعالى: ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)) [ الأعراف : 199 ] ، وقال سبحانه وتعالى: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)) [ البقرة : 185 ] .
وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه، قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قلت يا رسول الله ما الإسلام قال : " طيب الكلام ، وإطعام الطعام ، قلت ما الإيمان قال : الصبر والسماحة قال : قلت
أي الإسلام أفضل قال : " من سلم المسلمون من لسانه ويده " قال قلت أي الإيمان أفضل قال : خلق الإنسان ، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : إن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا نبي الله أي العمل أفضل قال " الإيمان بالله وتصديق به وجهاد في سبيله ، قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال : السماحة والصبر ، قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال : لا تتهم الله تبارك وتعالى في شيء قضى لك به " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومتقاضيا » .


من صور الرحمة في الإسلام


1- رحمته صلى الله عليه وسلم بالخلق :
كان صلى الله عليه وسلم يعامل بالرحمة الصغير والكبير والمؤمن والمشرك ، ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالخلق أن أعرابيا جاء وبال في المسجد ، فزجره الناس ونهروه بشدة ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى الأعرابي بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب " دلو " من ماء فأريق على البول ، ثم دعا الأعرابي فقال له « إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن » قال فأمر رجلا من القوم بدلو من ماء فشنه عليه . .
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوبخ هذا الأعرابي ولم يأمر بضربه ، بل إنه تركه حتى قضى بوله ، حتى لا يتأذى الأعرابي من احتباس البول وحتى لا يتسع موقع النجاسة ، ثم أعلمه أن المساجد لا تصلح لما فعل إنما هي للصلاة والذكر وقراءة القرآن .
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان أنه كان يرحم الصبيان ويقبلهم ويلاطفهم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إنه من لا يرحم لا يرحم » .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تقبلون الصبيان فما نقبلهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم « أوأملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة » .
ومن ذلك دعوته للغلام اليهودي إلى الإسلام ، روى الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه قال " كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال " أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم فخرج صلى الله عليه وسلم وهو يقول « الحمد لله الذي أنقذه من النار » .
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالصغار الأمر بحفظ الله تعالى بحفظ حدوده وحقوقه وأمراه ونواهيه ، عن عبد الله بن عباس قال: ركبت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «يا غلام إني معلمك كلمات أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف» .
وكان صلى الله عليه وسلم حسن المعاشرة لنسائه ويوصي بالنساء خيرا قال صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا» .
فكان صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله ، قالت عائشة رضي الله عنها قالت: «كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة» .
وكان صلى الله عليه وسلم خير الناس لأهله ، فقد تحدث عن ذلك بنفسه وهو الصادق المصدوق قال «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» .


الأخوة في الإسلام :


إن الله سبحانه جعل المؤمنين إخوة متحابين في الدين، ونهاهم عن التفرق والاختلاف ، قال تعالى: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) [ الحجرات : 10 ] .
قال صلى الله عليه وسلم «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكانوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» ، وقال صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» .
فالمؤمن يسره ما يسر أخاه ويحزنه ما يحزنه ، ويريد لأخيه المؤمن ما يريده لنفسه من الخير ، وهذا إنما يأتي مع سلامة المسلم من الغش والغل والحسد.
فمن صفات المؤمنين سلامة قلوبهم من الغل والحسد ، سلامة ألسنتهم من الغيبة والنميمة ، لإخوانهم المؤمنين السابقين واللاحقين والثناء عليهم والدعاء لهم بالمغفرة مع الدعاء لأنفسهم ، ولا سيما السابقين الأولين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان .
قال تعالى : (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) [ الحشر : 10 ].
وللمسلم على أخيه المسلم حقوق منها زيارته إذا مرض ، ومساعدته في قضاء حوائجه ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحق بقوله «حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس» .
ونهى صلى الله عليه وسلم عن هجران المسلم أخاه المسلم وإعراضه عنه ، وبين أن خير المسلمين هو من يبدأ بالسلام ، فالسلام ليس مجرد كلمة تقال : بل هو ذو معاني ودلائل يغرسها الإسلام في قلوب المسلمين للحيلولة دون كل ما يبعث إلى التنافر والتباغض بينهم .
فمن أعظم ما شرعه الله في الإسلام إفشاء السلام الذي هو تحية أهل الإسلام ، وتحية الملائكة ، وتحية أهل الجنة ، وتحية المؤمنين يوم يلقونه ربهم قال الله تعالى: (( وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ )) [ إبراهيم : 23 ] .


والسنة أن يسلم الراكب على الماشي على القاعد ، والقليل على الكثير ، والصغير على الكبير ، والسلام على حقوق المسلمين بعضهم على بعض قال صلى الله عليه وسلم : «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» .
وأما الكفار فتحرم بداءتهم بالسلام ، فإن بدءونا قنا وعليكم ، قال صلى الله عليه وسلم : « إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم » .


3- الرحمة بالطير والحيوان :


إن الرحمة في الإسلام تجاوزت عالم الإنسان إلى أجناس الطيور والحيوان ، فلا ينبغي أن يؤذي حيوان أو يضرب أو يجوع أو يظمأ، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها، ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال : من حرق هذه قلنا نحن ، قال : إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار » .
وقال صلى الله عليه وسلم « عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض » .
ودخل الجنة رجل بكلب وجده يأكل التراب من شدة العطش فسقاه ماء ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له» قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا ، قال: «نعم في كل ذات كبد رطبة أجر» .


4- صلة الرحم :


من صور التراحم في الإسلام الأمر بصلة الأرحام وهم الأقارب والأنساب ، وذلك بزيارتهم وتفقدهم والعطف عليهم ، فصلة الرحم سبب لدخول الجنة وصلة الله للعبد في الدنيا والآخرة ، وهي تدعم أواصر المجتمع وتقويه ، وهي سبب لطول العمر وكثرة الرزق ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه » .
قال الله تعالى: (( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ )) [ الرعد : 21 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله » .
والذي ينبغي على الإنسان أن يصل أرحامه وإن قطعوه ، ويحسن إليهم ولو أساءوا إليه إذ ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها .
ولذلك حذر الإسلام من قطيعة الرحم وبين أنها سبب للعنة الله وعقابه ، قال الله تعالى: (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ )) [ محمد : 22 ] . قال صلى الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة قاطع » .


وأعظم القطيعة (قطيعة الوالدين) ثم من كان أقرب من القرابة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم « ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ثلاثا قالوا: بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين " وجلس وكان متكئا فقال " ألا وقول الزور " قال: فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت» . .


5- بر الوالدين :


من أعظم الحقوق على الإنسان بعد حق الله سبحانه وتعالى حق الوالدين : فقد جعل الله ذلك في المرتبة التي تلي حقه سبحانه ، المتضمن لحقه وحق رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى: (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )) [ النساء : 36 ] .
وقال تعالى: (( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ )) [ لقمان : 14 ] .
ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين مقدما على الجهاد في سبيل الله ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : «الصلاة على وقتها قال ثم أي؟ قال: بر الوالدين قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله » .
وبر الوالدين يكون بالإحسان إليهما بمخاطبتهما باللين والتلطف معهما ، وقضاء حوائجهم والسعي في خدمتهما ، وطاعتهما في غير معصية الله ، والإحسان إليهما وبرهما ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من قال: ثم أمك قال: ثم من قال: ثم أمك قال: ثم من قال: ثم أبوك» .
ولقد أوصى الله سبحانه وتعالى بصحبة الوالدين بالمعروف حتى وإن كانا كافرين ، بل وإن كانا يأمران ولدهما المسلم أن يكفر بالله ، لكن لا يطيعهما في الكفر ، قال تعالى: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) [ لقمان : 15 ] .
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال : «نعم صلي أمك» ، وإن بر الوالدين كما يكون في حياتهما يكون أيضا بعد مما تهما قال صلى الله عليه وسلم « إن من أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه » .


6- حسن الجوار :


أوصى الإسلام بالجار وأمر بالإحسان إليه ، وحذر من إيذائه قال صلى الله عليه وسلم « مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه » .
فالإحسان إلى الجار من علامات الإيمان ، قال صلى الله عليه وسلم : « وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ».
وقال صلى الله عليه وسلم « والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن " قالوا ما ذاك يا رسول الله ، قال " من لا يأمن جاره بوائقه " قالوا: يا رسول الله وما بوائقه؟ قال: شره» .
وعلى المسلم أن يتفقد أحوال جيرانه ويساعدهم بما يستطيع ، والجار له حرمة عظمها الله ورسوله ، وإن انتهاكها يضاعف العذاب ويؤدي إلى فظاعة الجرم وتنكيل العقاب ، قال صلى الله عليه وسلم « لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره » قال « ولأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره » .

moOon
الاشراف العام
الاشراف العام

عدد المساهمات : 130
تاريخ التسجيل : 05/10/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى